يجب ألا يتم تطبيع المبيدات المدرسية | تعليم
في 10 أغسطس/آب، أدى القصف الإسرائيلي لمدرسة التبين في مدينة غزة إلى مقتل أكثر من 100 شخص كانوا يحتمون هناك، بينهم العديد من الأطفال. وكان هذا واحدا من 17 هجوما قاتلا على المدارس في القطاع وقعت الشهر الماضي، وفقا للأمم المتحدة. لقد أصبحت مساحات التعلم – التي تحولت إلى ملاجئ للنازحين – أهدافا متكررة في هذه الحرب، حيث أصبح الخط الفاصل بين المقاتلين والمدنيين غير واضح.
من المفترض أن يحتفل عشرات الآلاف من الأطفال هذا الأسبوع ببداية العام الدراسي الجديد. وبدلاً من ذلك، فإنهم يعيشون في كابوس قتل المدارس ــ وهي الكلمة التي اخترعت خصيصاً لوصف محو التعليم في غزة.
صاغت الدكتورة كرمى النابلسي من جامعة أكسفورد هذا المصطلح خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة في 2008-2009، عندما تم استهداف المدارس ووزارة التربية والتعليم والمباني الأخرى ذات الصلة بالتعلم. واليوم، لا يمكن تصور الدمار الذي لحق بنظام التعليم في غزة: فقد قُتل آلاف الطلاب ومئات المعلمين، وتضررت أو دمرت مئات المدارس على مدى الأشهر الأحد عشر الماضية.
إن هذا التدمير المتعمد لنظام التعليم في غزة لا يهدد مستقبل مئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين فحسب، بل يهدد أيضاً النظام الإنساني الدولي وبوصلتنا الأخلاقية الجماعية. يبدو أن المجتمع العالمي يتقبل ببطء ما هو غير مقبول. إن تطبيع العنف ضد المدارس مؤشر صارخ على أزمة أعمق في قيمنا العالمية، حيث لم تعد حماية الأبرياء مضمونة، ونسيج إنسانيتنا يتفكك.
تنص اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية صراحة على أن مهاجمة المدارس يشكل انتهاكا – ومع ذلك فهي مستمرة. ووفقا للبيانات التي جمعتها اليونيسف، حتى 6 يوليو/تموز، تم استهداف 318 مدرسة في قطاع غزة بشكل مباشر. ووقعت عشرات الهجمات منذ ذلك الحين.
إن الجدل الدائر حول ما إذا كانت ضربة 10 أغسطس/آب على مدرسة التبين مبررة قانونياً أم لا، لأن مقاتلي حماس ربما كانوا يعملون هناك أو لا، هو حوار يخطئ في مجمله في جوهره. المدارس خلقت للتعلم. وتشكل مثل هذه الأعمال العسكرية اعتداءً مباشراً على الحقوق الأساسية للمدنيين، وخاصة الأطفال.
وإلى جانب الضرر الواضح وغير الضروري الذي يلحق بالأطفال والشباب، فإن الهجمات على المدارس تؤدي حتما إلى تصعيد التوترات، مما يقوض الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل عادل ودائم.
الحق في التعليم منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهو حق حتى أثناء الحرب، كما نصت عليه أحكام اتفاقية جنيف الرابعة. فكيف يمكن ضمان هذا الحق للأطفال الفلسطينيين إذا تحولت مدارسهم إلى جدران متداعية وحفر؟
ولسوء الحظ، فإن الهجمات على أماكن التعلم لا تحدث في غزة فقط. وبحسب اليونيسف، منذ تصاعد الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، تعرضت أكثر من 1300 منشأة تعليمية للضرر أو الدمار.
وفقًا للتحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات، زادت الحوادث التي تستهدف التعليم والاستخدام العسكري للمدارس بنسبة 20 بالمائة تقريبًا في عامي 2022 و2023 مقارنة بالعامين السابقين.
ومن الواضح أن قدرة المجتمع الدولي على فرض تدابير الحماية المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي، وخاصة اتفاقيات جنيف، تتضاءل. وتنص هذه القوانين، التي صدقت عليها أكثر من 190 دولة، على حماية المدنيين، بما في ذلك الأطفال، أثناء النزاعات المسلحة وتدعو إلى محاكمة المخالفين.
ومع ذلك، فقد فشلت هذه الالتزامات في حماية الأطفال في غزة ومناطق الصراع الأخرى. ورغم أن الدعوات لاتخاذ إجراءات فورية، مثل وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية، ضرورية، إلا أنها ليست بديلاً عن التدابير الحاسمة لإنفاذ أحكام القانون الدولي.
فعندما يتسامح المجتمع الدولي مع انتهاكات القانون الدولي على مدى أشهر وسنوات، فإنه يؤدي إلى تطبيع تآكله. وهذا القبول التدريجي يضعف المعايير العالمية، ويجعل الأفعال التي لم يكن من الممكن تصورها ذات يوم تبدو مقبولة. عندما يصبح استهداف المدارس مقبولاً بشكل متزايد، فقد حدثت خيانة أساسية للمبادئ الأساسية للنظام القانوني الدولي وحماية المدنيين.
والخيار أمامنا صارخ: فإما أن نتصرف بشكل حاسم لدعم مبادئ القانون الإنساني وحماية الأبرياء، أو نسمح باستمرار تآكل قيمنا المشتركة دون رادع. ولا يستطيع العالم أن يظل غير مبال، لأن تكلفة التقاعس عن العمل تقاس بحياة الأطفال ومستقبلهم.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلف ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.