Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار

“لم أشعر قط بعدم القيمة إلى هذا الحد”: ألم محو دير البلح | الصراع الإسرائيلي الفلسطيني


دير البلح-غزة- مثل مشهد من فيلم رعب لا نهاية له، صدرت صباح الأربعاء، أوامر جديدة بإخلاء المناطق السكنية في دير البلح.

“كل يوم يأتي بكارثة جديدة”، شعرنا باليأس عندما كنا ندرس أحدث خريطة إسرائيلية، التي تلوح خطوطها الآن على مقربة من منزلنا بشكل خطير.

وتزايدت أصوات الدبابات، وترددت أصداء إطلاق النار في مكان أقرب.

سؤال يطاردنا ويطارد الجميع في غزة منذ أكثر من 320 يوما من الحرب. السؤال الذي نطرحه على العالم ولا نجد له إجابة:

“أين يجب أن نذهب؟”

سؤال يتردد في الفراغ عندما يستقر الناس مرة أخرى للنزوح الثامن أو التاسع أو العاشر.

“أين يجب أن نذهب؟”

يتردد صدى السؤال في أذهاننا وقلوبنا، ويصور كل ما نعانيه من آلام ووحدة وقهر وعجز.

لم أشعر قط بأنني عديم القيمة كإنسان كما أفعل هذه الأيام.

يمكن لمنشور واحد على فيسبوك من متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن يقلب حياتنا رأساً على عقب في لحظة.

لعبة قاسية من المربعات

يوم الأربعاء، كنت أضع اللمسات الأخيرة على مقال كنا نجهزه، يوازن بين العمل واحتياجات أطفالي وضغوط النزوح.

ثم جاءت أخبار الإخلاء.

كنا جميعًا في حالة إنكار، وأردنا تصديق أنها مجرد شائعة، لكن الحقيقة انكشفت بسرعة كبيرة.

وبدأ الناس يفرون عبر الشوارع تحت إطلاق النار والقصف، ويسارعون للهرب. كان المشهد يتكرر، لكن هذه المرة كانت المحطة الأخيرة: دير البلح!

وكانت هذه هي نفس المنطقة الإنسانية التي تحدثوا عنها ذات يوم، والتي تم تحديدها الآن للإخلاء. إنها لعبة قاسية من المربعات.

هل شعرت يومًا وكأنك لعبة، تُلعب باليسار واليمين، والشرق والغرب، وتُدفع من مكان إلى آخر – جنوبًا إلى خان يونس، ومن رفح، ثم تعود إلى خان يونس، ثم إلى النصيرات، ليتم طردها مرة أخرى ؟

الناس يركضون حرفيًا في الشوارع كالمجانين، متشبثين بالقليل المتبقي لديهم.

لقد فقدوا منازلهم وأحبائهم وسبل عيشهم – وهم الآن على وشك فقدان عقولهم.

لم يبق لدينا شيء. قلوبنا مكسورة وعقولنا متوترة.

يا دير البلح ملجأنا الأخير، من يستطيع أن يرشد الناس إلى الطريق؟ وكما قال طارق بن زياد ذات مرة: “العدو من أمامنا، والبحر من خلفنا”.

والآن، كل ما تبقى أمامنا هو البحر. هل هناك سفينة؟

امرأة تبكي أثناء إخلاء شرق دير البلح على متن شاحنة في 16 أغسطس 2024، بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي بالإخلاء [Abdel Kareem Hana/AP Photo]

من سيجيب على صرخات المتجولين اليائسة في الشوارع؟ يلجأ الناس إلى المأوى حيثما استطاعوا – الشوارع، الحقول، محطات الاستراحة، على الشاطئ.

الأرض تتقلص تحت أقدامنا. نحن نعاقب، ونحشر في عنق الزجاجة الصغير، ونقصف، ونمزق إربًا.

“أين يجب أن نذهب؟”

إنني أفقد عقلي بينما أقوم بإجراء المقابلات وتدوين الملاحظات، وكل ذلك أثناء البحث عن مكان – أي مكان – أذهب إليه. وحتى الخيمة لم تعد خياراً.

زحمة في الأسواق، وزحمة في الطرقات، وزحمة الأفكار. أشعر وكأنني في قمة دوارة، وقد تحطم تركيزي بسبب مأساة إخلاء أخرى تلوح في الأفق، بغض النظر عن مدى صعوبة محاولتي مقاومة الفكرة.

أنظر حولي إلى الممتلكات القليلة التي تمكنت من جمعها خلال الأشهر العشرة الماضية: موقد، وأكواب، وصحون، وأواني، وملابس شتوية، وملابس صيفية، ومراتب، وبطانيات، وبطاريات، ومصابيح كهربائية، وزجاجات كبيرة من مياه الشرب، وأحواض. لغسل الملابس فيها.

يا إلهي أين سأأخذ كل هذا؟

ساعة الصفر

والأمر الأكثر حزناً هو الخوف من انتظار ساعة الصفر. ساعة الصفر تعني الهروب بلا شيء سوى الملابس التي نرتديها، وترك كل شيء خلفنا.

إذا تركت كل شيء، فلا توجد طريقة لاستبداله. لا توجد أسواق، ولا إمدادات، ولا أموال لتجنيبها. لقد تجمدت في مكاني، غير قادر على التحرك.

أوه، لدي عمل لأقوم به، ومقالات لأكتبها.

أحدق في جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي، محاولًا التركيز.

يتصل أحد الأصدقاء ويبحث عن غرفة فردية مع حمام. وآخر يبحث عن خيمة. وآخر يسأل عن مكان وجود المدرعات شرق دير البلح.

كيف يمكن لأي شخص أن يكتب في هذا الجو؟ إنه شعور مستحيل.

وبعد دقائق، يأتي الخبر: القوات الإسرائيلية تتقدم في القرارة غرب خان يونس، وهي “منطقة آمنة” أخرى مفترضة، والناس يفرون مرة أخرى.

يا له من يوم رهيب. البعض يفرون غربًا والبعض الآخر يفرون شرقًا.

ليس هناك نهاية أو بداية لهذا العذاب.

لا أحد يفهم ما يحدث. نحن نجري ونجري بلا هدف، والناس يصرخون ويعانون ويموتون بينما العالم يراقب.

هذه مجرد الحلقة الأخيرة من المحطة الأخيرة.

امتلأت رسالتي الإلكترونية ببيانات فارغة صادرة عن منظمات إنسانية ومدنية، تحذر من غزو وشيك لدير البلح. وهذا يذكرنا بما حدث في رفح قبل أشهر. ولم تستجب إسرائيل لأي تحذيرات حينها ودفعت الجميع إلى دير البلح. وهي الآن تلاحقهم في المحطة الأخيرة.

نازحون يفرون من الأجزاء الشرقية من دير البلح إلى وسط المدينة في وسط قطاع غزة في 8 يونيو 2024 وسط الصراع المستمر في الأراضي الفلسطينية بين إسرائيل وحماس. (تصوير إياد بابا/ وكالة الصحافة الفرنسية)
كتبت مرام حميد: “الناس يركضون في الشوارع كالمجانين، متشبثين بالقليل المتبقي لديهم”. يظهر هنا النازحون الفارون من شرق دير البلح في 8 يونيو/حزيران 2024 [Eyad Baba/AFP]

في هذه اللحظات، أدرك تمامًا ما نشعر به جميعًا – كل نازح، كل امرأة، رجل، شيخ، وطفل. الخوف، والقمع، والارتباك، والرعب، والقبح. كل ذلك ينتظرنا في المحطة الأخيرة: دير البلح.

والعالم؟ يراقب بفضول، ويتساءل عما سيحدث بعد ذلك.

فكيف ستفعل إسرائيل ذلك هذه المرة؟ هل سيبتلعنا البحر؟ أم سيتم غربلتنا عبر الحواجز أم سيتم القضاء علينا بالغارات الجوية؟

إلى جميع المشاهدين:

سيداتي وسادتي، أؤكد لكم أن المشهد الأخير جاهز.

العرض الأخير، دير البلح، سيُبهركم قريبًا بعرض حصري ومثير للجرائم والمجازر والتهجير.

دماءنا وأطفالنا وحياتنا وأجسادنا وما تبقى من بيوتنا – معقلنا الأخير في دير البلح – معروضة بالكامل.

جهزوا عاركم وتواطؤكم الصامت، وشاهدوا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى